التنظيف الجاف للمنسوجات

المقدمه

إن دراسة الماضي ليست نزوة أو ترفا يقصد بهما الماضي لذاته ، إنها وعلى النقيض أمر حيوي من اجل الحاضران هذا المعنى يمكن اعتباره مدخلا مناسبا لأدراك أهميه الحفاظ علي المدن ، فماضي اى أمه هو تراثها وحضارتها  و اى انقطاع للماضي يؤثر بالسلب علي الحاضر والمستقبل . فبقاء الشواهد والمعالم التاريخية هو بقاء لشواهد هامه ثلهم القدوة الحسنه العبره الصادقة ، ومنها ينطلق الخلف  الخير نحو إبداع جديد يضاف إلي منجزات السلف الصالح ، و يهديه ثمره طيبه إلي الأجيال القادمة ، فالحفظ أمانه تاريخيه يحملها الخلف عن السلف ، و تتجدد فى كل حين إن شاء الله . ولهذا تحتل قضيه الحفاظ على التراث مكانا متقدما فى سياق القضايا التي تهم دول العالم ، لما لهذه القضية من أهميه و منطقيه تنبع من أهميه التراث ذاته ، فالتراث هو ذلك السجل الخالد الذي يحفظ تاريخ الأمم والشعوب  و الدليل الواضح على تقدم الحضارات وهو كذلك المعين الذي تستقى منه الأجيال اللاحقة ثقافتها وخصائصها. إن المدينة التاريخية مثلها كمثل مخطوطه ثمينة وفقنا إلي اكتشافها ، وهى مخطوطه تروي بين طياتها قبسا من علوم الماضي  و فنونه  فان نحن أهملناها أصابها التلف ثم الاندثار وخسر الناس كنزا ثمينا  وان نحن تعهدنا بالحفظ و الصيانة  نكون بذلك قد خدمنا التراث  انتفع به الناس  وصيانه المدن التاريخية يأتي من كونها تحمل شهادة صادقه علي إبداع الإنسان  و رؤياه الفنية  كما أن صيانة المدن التاريخية ما هو إلا دفاع عن التراث و التراث هو خير لبنه لبناء صرح وحده الآمة .

الاعمال السابقه

نظرا لأن صناعة المنسوجات تعتبر ركنا هاما في حياه الانسان علي مر العصور جميعها و حتي وقتنا الحالي فقد اهتمت مراكز الابحاث و الدراسات عالميا بدراسة الالياف المستخدمة في صناعة المنسوجات و اه الخواص الفيزيائية والكيميائية و الميكانيكية و كذلك الاصباغ المستخدمه في صناعة المنسوجات و خواصها و تتقنيات الصباغة المختلفة و لم يقف العلماء والمهتمين بدراسه هذة المواد و تحسين خواصها بل استطاعوا ان يقوموا بتخليق الياف جديدة و اصباغ صناعية حديثة .

و لقد قام الباحثون بتقديم دراسات عن المنسوجات الاثرية و طرق صيانتها فمنهم من تناول علاج وترميم المنسوجات و صيانتها بشكل عام و من هؤلاء شاهين و الذي ذكر في كتابه اهميه الفحص للالياف و كذلك بعض طرق تنظيف المنسوجات و طرق ازاله بعض انواع البقع و اشار الي استخدام الثيمول في تعقيم المنسوجات و قد اوضح اهميه التنظيف الرطب و ذكر انها افضل وسيله لتنظيف المنسوجات الاثرية كما انه قد اشار الي نجاح المودوكول اي في تقوية المنسوجات الاثرية  .

اما عبد الوهاب فقد تناول المنسوجات بوجه عام ايضا و اشار في كتابه الي امكانية استخدام خلات الفينيل المبلمرة في لصق المنسوجات علي حامل شبك من النايلون كما اشار الي استخدام الروفينال المذابه في الكحول الايثيلي بنسبة 1% :5 % او البيداكريل 122 المذاب في الاسيتون .

بينما تناولت باهرة عبد الستار و عبد الحميد علاج وصيانه المنسوجات بشيء من التفصيل حيث شرحا وسائل تحليل الالياف باستخدام الفحص بالحرق او الفحص الميكروسكوبي او الكيميائي و كذلك اهم طرق تنظيف المنسوجات و قد اعطيا جدول للبقع و طرق ازالتها و كذلك طرق تقويه المنسوجات باللصق علي حوامل جديدة مختلفة .

و علي جانب اخر نجد ان بعض الباحثين قد اهتم بطرق فحص و تحليل المنسوجات الاثرية و هؤلاء ايليكيان و الذي اوضح ان الفحص للمنسوجات الاثرية تحت الاشعة الحمراء و الاشعة فوق البنفسجية يكشف عن اشياء كثيرة لم تكن لتظهر بالفحص تحت الضوء العادي . 

الهدف من البحث

الهدف من هذة الدراسه هو محاوله القاء الضوء علي احدي المواضيع المهمه في عمليات ترميم المنسوجات الا و هو التنظيف الجاف للمنسوجات و معرفة اهم المواد المستخدمه في التنظيف الجاف للمنسوجات و ما يصاحبها من مميزات و عيوب . 

نبذة تاريخية عن التنظيف الجاف للمنسوجات

تتم عمليات التنظيف الجاف باستخدام المواد العضويه بدلا من الماء لازاله البقع و الاتساخات و امكانيه استخدام المواد العضويه في تنظيف المنسوجات اكتشفت في منتصف القرن التاسع عشر بواسطه جين جوللي و الذي لاحظ ان فرش طربيزته اصبح  نظيفا عندما قام خادمه بوضع الكيروسين عليها . فقام جين جوللي بالتتابع بتطوير طريقة لتنظيف ملابس الناس باستخدام المذيبات العضويه و التي عرفت فيما بعد بالتنظيف الجاف .

و كان قديما يتم استخدام المواد العضويه البتروليه في التنظيف الجاف مثل البنزين و الكيروسين الي ان قام ويليم جوسيف باستخدام مذيب ستودارد حيث انه اقل قابليه للاشتعال من البنزين و الكيروسين  و التي ادت الي الكثير من الحرئق و الانفجارات مما دفع الحكومات بوضع ضوابط علي من يقوم باستخدام عمليات التنظيف الجاف .

بعد الحرب العالمية الاولي قام المنظفين باستخدام المذيبات العضوية الكلوريه حيث انها اقل قابليه للاشتعال و ادت الي نتائج افضل في عمليات التنظيف و في منتصف 1930 اعتمدت صناعة التنظيف الجاف علي استخدام رباعي الايثيلين علي انه المذيب المثالي في التنظيف الجاف حيث ان له قدرة عاليه في تنظيف المنسوجات و غير قابل للاشتعال و بعد ذلك قامت لجنه صحه سلامه المنتجات الاستهلاكيه بتصنيف رباعي الايثيلين علي انه من المواد المسرطنه .

و بعد ذلك قامت عمليات التنظيف الجاف تتم باستخدام الالات المختلفة حيث اصبحت هناك الات لعمليه التنظيف نفسها و الات لعمليه التجفيف .

التنظيف الجاف بالمذيبات العضويه

يعتبر هذا التنظيف فغالا بالنسبة للانسجة التي لا يمكن تنظيفها بالبلل دون مواجهة مشكلات معينه مثل المنسوجات المصبوغه بصبغات غير ثابته في المحاليل المائية و ايضا الملابس كبيرة الحجم كالبدل او الملابس المحتوية علي انواع متعددة من الالياف معا مما يعارضها للتلف في التنظيف الرطب لذلك يفضل بصفه عامه استخدام التنظيف الجاف .

التنظيف باستخدام المذيبات و قليل من الماء او بدون يكون مناسب و الترابط بين المذيبات و الحرارة صعب علي الالياف وربما يتسبب في اضعافها لذلك تستخدم المذيبات باردة .

التنظيف الجاف يعطي نتائج جيدة مع الملابس و خاصه الملابس الحريريه حيث يجعل مظهرها نظيف ولا يتسبب في اضرار جسيمة للالياف .اما مع الصوف قد يؤثر في خواصه .

من امثله المذيبات العضويه التي يمكن استخدامها الاستون و التولوين و ثاني كلوريد الايثيلين و رابع كلوريد الكربون و ثالث كلوريد الايثيلين و رابع كلوريد الايثيلين و الكحل الابيض .

تستخدم هذة المركبات بالقرب من نافذة مفتوحة او خزانه غازات لأن ابخرتها تمثل خطورة كبيرة و من عيوب المذيبات العضوية سميتها العالية و معظمها قابل للاشتعال .

مخاطر الاشتعال لهذة المذيبات القابلة للاشتعال يتم تحديدها لتجنبها و ذلك بمعرفه نقطه الاشتعال لكل مذيب او ابعاد اي مصدر للاشتعال عن نقطه العمل قبل البدء في استخدام هذة المذيبات و السمية لأبخرة هذة الكيماويات مختلفة و بعض الاشخاص قد تكون لديهم حساسية اكثر من الاخرين لهذة المواد و لذلك فأي شخص لديه تاريخ مرضي يجب ان يبتعد عن منطقة العمل و تستخدم خزانات الابخرة و مرشحات خاصه لتجنب اخطار ابخرة هذة المذيبات و التهوية الجيدة قد تكون مفيدة .

لا يمكن تحديد افضل مذيب و تميزه عن المذيبات الاخري لان ذلك يتوقف علي عدة عوامل منها نوع البقعة و حاله البقعة . ففي بعض القطع يفضل استخدام المذيبات قليلة التطاير حتي لا تسبب تلفا للمنسوجات نتيجة للجفاف السريع المفاجيء و ذلك بالرغم من ان البعض يري ان تطاير المذيب ببطيء يعتبر من الامور الضارة لأنه سوف يبقي داخل الياف النسيج لفترة و من الممكن ان يتسبب في ضررها و غالبا ما يستخدم رابع كلوريد الايثيلين في التنظيف الجاف .اذا اشتملت قطعة الملابس المراد تنظيفها تنظيفا جافا علي زخارف او معادن او احجار كأجزاء مضافة علي الملابس يجب فصلها و ازالتها عن الرداء قبل البدء في عمليه التنظيف الجاف . و اذا وجدت اماكن هشة و شعيفة في الرداء يتم وضع شبكه من النايلون او الشيفون عليها و نثبت بالغرز حول هذة الاماكن حتي لا تتعرض هذة الاماكن للفقد اثناء عمليه التنظيف .

تكنيك التنظيف الجاف

يفضل ان تتم عمليه التنظيف الجاف للمنسوجات في احدي الشركات المتخصصة في هذا الغرض و ذلك لانها تحتاج الي امكنيات ضخمة و احتياطات متعذر تواجدها في المتاحف ولكن يجب التنبيه علي هذة الشركات بعد اضافة اي مواد تزهير او مواد قطريه او مواد تحسين من المواد المستخدمة مع المنسوجات الحديثة و عند عدم سماح قانون الاثار بنقي القطع الاثريه الي هذه الشركات و كذلك في حاله القطع صغيرة الحجم فيمكن ان يتم التنظيف الجاف داخل المتحف علي النحو التالي :

يتم اعداد وعاء للغسيل من مادة لا تتأثر بالمذيبات العضويه و يجب ان يراعي ان يكون محكم الغلق ثم يتم وضع المذيب المناسب داخله ثم تغم القطعه به لعدة دقائق محدودة و يراعي الا توضع القطع شديدة الاتساخ داخل المذيب اذ يجب ان تنظف بأي وسيله اخري قبل اجراء التنظيف الجاف لها و ذلك لانه في حاله وجود الاتساخات بنسبه كبيره فان هذة الاتساخات سوف تؤدي الي تغلغل الاتساخات داخل الالياف مما يصعب من ازالتها مرة اخري و يمكن رفع كفاءة العمليه باستخدام الاثاره الميكانيكية عن طريق الهز الخفيف او باضافة المنظفات الصناعية ثم تشطف القطعه جيدا لازاله اي اثار للمنظفات ثم تترك القطعة لتجف و يراعي ان تتم كل الخطوات السابقة داخل خزانه الغازات و في حاله عدم توافرها فيجب ان يكون العمل بالقرب من الشبابيك المفتوحة و ان يكون في مكان جيد التهويه و ذلك لتقليل الضرر علي العاملين بالمتحف .

اهم مميزات التنظيف الجاف

لا يسبب ضراوه للانسجة و لا يؤدي الي تغير في شكلها الاصلي كما ان غالبا لا يؤثر علي الاصباغ التي لا تتأثر بالمحاليل المائية بالاضافة الي ان المذيبات العضويه لها قدرة كبيره علي ازاله البقع و خاصة الدهنيه منها .

اهم عيوب التنظيف الجاف

من عيوب المذيبات العضويه انها مكلفة باهظة الثمن بالاضافه الي سميتها العالية كما ان معظم المذيبات العضويه تكون قابله للاشتعال و الفرقعه مما يعرض العاملين بها و كذلك المنسوجات للحريق الا انه توجد مذيبات غير قابله للاشتعال مثل رابع كلوريد الكربون.

المذيبات العضويه المستخدمه في التنظيف الجاف

يتحتم اجراء التجارب اللازمة قبل البدء في عمليه الغسيل لمعرفة طبيعة مواد الصباغة و اختيار انسب المذيبات لها و من امثله المذيبات العضويه التي يمكن استخدامها الاستون و التولوين و البنزول المقطر ورابع كلوريد الكربون و ثالث كلوريد الايثيلين و رابع كلوريد الايثيلين و لا شك ان الميبات العضويه اقدر من المحاليل المائية ذات الاس الهيدروجيني المناسب في ازاله معظم البقع الناتجة عن المواد الدهنيه .

و يستخدم رابع كلوريد الايثيلين غالبا في التنظيف الجاف لانه اقل المواد الثلاث الاخيره احتوائه علي المواد السامه كما انها لا تتبخر بسرعه كذلك فان ابخرتها اقل خطوره من المواد الاخري ذات الابخرة السامه علي ان استخدام هذه المركبات يجب ان يتم بجوار نافذه مفتوحه و يكون الافضل اذا تم استخدام هذه المواد داخل حمام بخار ذي تهويه مناسبه و توضع المنسوجات في المذيب الذي تم اختباره لمدة تتراوح بين 10 دقائق الي 30 دقيقة و يراعي ان تكون المادة عند الاستخدام نقية وباردة و في حاله الاقمشة الملونه التي يخشي علي اصباغها فيفضل استخدام ثاني كلوريد الايثيلين او زيت التربنتين المعدني و هو غالبا لا يؤثر علي الاصباغ و ارخص ثمنا في التنظيف الجاف و ان كان من عيوبه سرعة الاشتعال .

علي ان عيوب المعالجة باستخدام المواد العضويه باستخدام المواد العضويه تكمن في قوة وشدة فعاليتها و ذلك قد يتضح جزئيا بالنسبه للمنسوجات الصوفيه حيث ان هذه المعالجة تؤثر علي المواد الدهنية بالمنسوجات .

مولدات الاوزون

استخدمت مولدات الاوزون في التنظيف الجاف للاقمشه و المنسوجات و هي عباره عن غرفه صغيره بحجم درج الملابس بحيث يستطيع الاوزون الانتشار في الداخل و بم ان الاوزون اثقل من الهواء فأنه سوف يسقط علي ارضيه الدرج و يقوم بمعالجة الاقمشة و المنسوجات و غالبا ما يتم وضع مروحه صغيرة حتي تعمل علي تدفق الهواء .

و يتم تركها بضع ساعات او حتي بضع ايام و بعد ذلك يتم فتحها و تعريضها للهواء حتي يتحول الاوزون الي الاكسجين الذي نتنفسه.

الاضرار التي  قد تلحق بالقطعه الاثريه من التنظيف الجاف

1- اعادة ترسيب الاتربه الاشياء الخارجيه التي قد تسبب حاله من البهتان و ضياع الالوان .

2-ضياع الالوان والزخارف الدقيقة نتيجة استخدام المواد العضويه في التنظيف الجاف .

3-الحفر الناتجة عن التنظيف الميكانيكي و التي تظهر فقط بعد الانتهاء من التنظيف الجاف و التي لم تطبق بالتحديد علي الاجزاء التالفة من القطعة الاثرية .

4-فقدان في حجم القطعة الاثرية الناتج عن انكماش الصوف و الاقمشة الاخري .

5- الاضرار الناجمه عن استخدام الخطوات غير المصرح بها و التي تتعارض مع خواص القطعه الاثرية .

الخاتمه

في هذا البحث قمنا بالقاء الضوء عن التنظيف الجاف للمنسوجات ابتدائا من نبذة تاريخية عن التنظيف الجاف للمنسوجات و اهم المواد المستخدمه في ذلك و مميزات و عيوب التنظيف الجاف و الاضرار التي قد تنتج عنه .

المراجع

1.  http://en.wikipedia.org/wiki/Dry_cleaning

2.  عمر عبد الكريم –علاج و صيانه المنسوجات دراسه تجريبية و تطبيقة –القاهرة 1994-غير منشوره

3.  ياسين زيدان –علاج وصيانه المنسوجات الاثرية تطبيقا علي قطعة متاكلة من السجاد التركي بمتحف كليه الاثار – القاهرة 1980 –غير منشوره

4.  http://www.jenesco.com/ozone-generator.html

5.  www.drycleaningcomplaints.com/Fair%20Claims%20Guide=DIA.pdf